شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
صفة الروح
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين قال رحمه الله تعالى:
خلق إسماعيل اسم> قال: حدثنا محمد بن أحمد بن معدان اسم> قال: حدثنا عباس بن الوليد البيروتي اسم> قال: حدثنا أبي قال: حدثني ابن شوذب اسم> قال: حدثني أبو هارون اسم> عن أبي سعيد اسم> رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين عرج به قال: رسم> إن في السماء لملكا يقال له إسماعيل على سبعين ألف من الملائكة كل ملك منهم على سبعين ألف ملك رسم> .
قال: في صفة الروح قال: حدثنا محمود بن محمد الواسطي اسم> قال: حدثنا مسروق بن المرزبان اسم> قال: حدثنا ابن أبي زائدة اسم> عن داود بن أبي هند اسم> عن عكرمة اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا: سلوه عن الروح فسألوه فنزل: رسم> وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا قرآن> رسم> .
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا محمد بن أيوب اسم> في قوله تعالى: رسم> وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قرآن> رسم> قال: أخبرنا ابن أبي جعفر اسم> عن يحيى يعني ابن ضريس اسم> عن هشيم اسم> عن جعفر بن إياس اسم> عن مجاهد اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: الروح أمر من أمر الله خلق من خلق الله وهم على صور بني آدم ما نزل من السماء ملك إلا ومعه واحد من الروح.
قال: حدثنا أبو العباس الهروي اسم> قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد اسم> قال: حدثنا إبراهيم الهروي اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الصنعاني اسم> بمكة اسم> قال: حدثني عبد العزيز اسم> قال: قلت لوهب بن منبه اسم> رحمه الله تعالى: يا أبا عبد الله اسم> ما ويسألونك عن الروح قال: ما الروح؟ قال: ملك من الملائكة له عشرة آلاف جناح جناحان منها ما بين المشرق والمغرب له ألف وجه لكل وجه ألف وجه لكل وجه ألف لسان وشفتان تسبحان الله عز وجل إلى يوم القيامة.
قال: قال جدي رحمه الله تعالى: أخبرت عن محمد بن مروان اسم> عن جويبر اسم> عن الضحاك اسم> رحمه الله تعالى رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا قرآن> رسم> قال: الروح حاجب الله عز وجل يقوم بين يدي الله عز وجل وهو أعظم الملائكة لو فتح الروح فاه لوسع جميع الملائكة في فيه فالخلق إليه ينظرون فمن مخافته لا يرفعون طرفهم إلى من فوقهم.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن ليث اسم> قال: حدثنا محمد بن الواسطي اسم> قال: حدثنا أبو أسامة اسم> قال: حدثنا صالح بن حيان اسم> عن عبد الله بن بريدة اسم> رضي الله عنه قال: ما تبلغ الجن والإنس والملائكة والشياطين عشر الروح، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدري ما الروح.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا محمد بن إدريس اسم> قال: حدثنا أبو صالح اسم> كاتب الليث اسم> قال: حدثني أبو هران يزيد بن سمرة القيساري اسم> عمن حدثه عن علي بن أبي طالب اسم> رضي الله عنه في قوله تعالى: رسم> وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي قرآن> رسم> قال: هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه لكل وجه منها سبعون ألف لسان لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها يخلق من كل تسبيحة ملك يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة.
قال: حدثنا يحيى بن عبد الله اسم> قال: حدثنا سلمة اسم> قال: حدثنا عبد الرزاق اسم> عن ابن جريج اسم> عن عطاء اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما: رسم> وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي قرآن> رسم> قال: هو ملك واحد له عشرة آلاف جناح جناحان منها ما بين المشرق والمغرب له ألف وجه في كل وجه له ألف لسان وعينان وشفتان يسبحان الله إلى يوم القيامة.
قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن الجنيد اسم> قال: حدثنا أحمد بن حفص اسم> قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم اسم> عن مسلم اسم> عن مجاهد اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما قال: أتى نفر من يهود النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: أخبرنا عن الروح ما هو قال: جند من جنود الله عز وجل ليسوا بملائكة الله لهم رءوس وأيد وأرجل يأكلون الطعام ثم قرأ: رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا قرآن> رسم> قال: هؤلاء جند وهؤلاء جند.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: أخبرني أبو حاتم اسم> قال: حدثنا أبو صالح اسم> قال: حدثني معاوية اسم> عن علي اسم> عن ابن عباس اسم> رضي الله عنهما: رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ قرآن> رسم> قال: هو ملك من أعظم الملائكة خلقا.
قال: حدثنا محمد بن زكريا اسم> قال: حدثنا أبو حذيفة اسم> قال: حدثنا سفيان اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى قال: هم خلق على صورة بني آدم.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا محمد بن عمار اسم> قال: قرأنا على يحيى بن ضريس اسم> عن سفيان اسم> عن إسماعيل عن أبي صالح اسم> في قوله تعالى: رسم> وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قرآن> رسم> قال: يشبهون الناس وليسوا من الناس. قال: حدثنا إسحاق بن أحمد اسم> قال: حدثنا عبد الله بن عمران اسم> قال: حدثنا إسحاق بن سليمان اسم> قال: حدثنا أبو سنان اسم> عن ثابت اسم> عن الضحاك اسم> رحمه الله تعالى: رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ قرآن> رسم> قال: الروح جبريل اسم> عليه السلام.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا علي بن الحسن اسم> قال: حدثنا مسدد اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن منصور بن عبد الرحمن اسم> قال: سألت الشعبي اسم> رحمه الله تعالى عن قوله: رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ قرآن> رسم> قال: هم سماطا رب العالمين يوم القيامة سماطاه من الروح وسماطاه من الملائكة.
قال: حدثنا إسحاق بن أحمد اسم> قال: حدثنا عبد الله بن عمران اسم> قال: حدثنا إسحاق بن سليمان اسم> عن صالح بن سعيد اسم> عن مقاتل بن حيان اسم> رحمه الله تعالى في قوله تعالى: رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ قرآن> رسم> قال: الروح أشرف الملائكة وأقربهم من الرب تبارك وتعالى زاد فيه عثمان بن أبي شيبة اسم> عن إسحاق اسم> وهو صاحب الوحي.
قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس اسم> قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله اسم> قال: حدثنا إبراهيم الهروي اسم> قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الصنعاني اسم> قال: حدثني عبد العزيز بن جوران اسم> قال: قلنا لوهب اسم> يا أبا عبد الله يسألونك عن الروح ما الروح؟ قال: ملك من الملائكة له عشرة آلاف جناح جناحان منها ما بين المشرق والمغرب له ألف وجه لكل وجه ألف وجه لكل وجه لسان وعينان تسبحان الله إلى يوم القيامة. قال: حدثنا خليل بن أبي رافع اسم> قال: حدثنا تميم بن المنتصر اسم> قال: حدثنا محمد بن يزيد اسم> عن جويبر اسم> عن الضحاك اسم> رحمه الله تعالى في قوله: رسم> يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ قرآن> رسم> قال: الروح القرآن.
قال: حدثنا أبو يحيى اسم> قال: حدثنا سهل اسم> قال: حدثنا ابن المبارك اسم> عن جويبر اسم> عن الضحاك اسم> مثله قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أبو الربيع اسم> قال: حدثنا هشام بن عمار اسم> قال: حدثنا صدقة يعني ابن خالد اسم> قال: حدثنا ابن جابر اسم> قال: حدثني حبيب بن عبد الرحمن بن سليمان اسم> أن أبا الأعيس الخولاني اسم> قال: أبو العباس اسم> أبو الأعيس هو عبد الرحمن بن سلمان اسم> عن أبيه قال: الإنس والجن عشرة أجزاء فالإنس جزء والجن تسعة أجزاء والملائكة والجن عشرة أجزاء، فالجن من ذلك جزء والملائكة تسعة والملائكة والروح عشرة أجزاء فالملائكة من ذلك جزء والروح تسعة أجزاء والروح والكروبيون عشرة أجزاء فالروح من ذلك جزء والكروبيون تسعة أجزاء.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أحمد بن عصام اسم> قال: حدثنا أبو عامر اسم> قال: حدثنا سفيان اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى قال: الروح خلق على صور ابن آدم يأكلون ويشربون.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم اسم> قال: حدثنا سعيد اسم> عن الأعمش اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى قال: الروح خلق من خلق الله تعالى لهم أيد وأرجل قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا محمد بن إدريس اسم> قال: حدثنا أمية بن بسطام اسم> قال: حدثنا يزيد بن زريع اسم> عن روح بن القاسم اسم> عن ابن أبي نجيح اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى في الروح قال: خلق مثل خلق الآدميين.
قال: حدثنا الوليد اسم> قال: حدثنا أحمد بن القاسم اسم> قال: حدثنا إبراهيم بن موسى اسم> قال: حدثنا ابن أبي زائدة اسم> عن ابن جريج اسم> عن مجاهد اسم> رحمه الله تعالى في: رسم> يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ قرآن> رسم> قال: لا ينزل ملك إلا معه روح.
قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن نصر اسم> قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي اسم> قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر اسم> عن أبيه عن الربيع اسم> رحمه الله تعالى قال: قلت له الريح والروح أمرهما واحد قال: الريح من أمر واحد والروح آخر قلت: روح آدم اسم> وغيره واحد قال: نعم قلت أرواح البهائم ما هي؟ قال: من الرياح الأربعة لأنها ليس عليها حساب قال: وسألته عن الماء فقال: هو من أمر آخر وهو منه وكل شيء حي منه.
قال: حدثنا أحمد بن جعفر اسم> قال: حدثنا أحمد اسم> قال: حدثنا عبد الله اسم> عن أبيه عن الربيع اسم> قال: رسم> يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ قرآن> رسم> فكل شيء تكلم به ربنا عز وجل فهو روح منه.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح اسم> قال: حدثنا محمد بن رافع اسم> قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثني عبد الصمد اسم> قال: سمعت وهبا اسم> رحمه الله تعالى يقول: إن نفس الإنسان خلقت كنفس الدواب التي تشتهي وتدعو إلى الشر ومسكنها في البطن وفضل الإنسان بالروح ومسكنه في الدماغ فبه يستحي الإنسان وهو يدعو إلى الخير ويأمر به ثم نفخ وهب اسم> رحمه الله تعالى على يده فقال: هذا أماره من النفس ومثلها كمثل الرجل وروحه فإذا أبق الروح إلى النفس والتقيا نام الإنسان، فإذا استيقظ رجع الروح إلى مكانه ونعش بذلك إنك إذا كنت نائما فاستيقظت كأن شيئا يثور إلى رأسك.
قال: وسمعت وهبا اسم> رحمه الله تعالى يقول: مثل القلب كمثل الملك والأركان أعوان فإذا ائتمرت النفس بالشر اشتهت وتحركت الأركان ونهاه الروح عنه ودعاها إلى الخير فإذا كان القلب مؤمنا أطاع الروح، وإن كان القلب فاجرا أطاع النفس وعصى الروح ينشط الأركان فيعمل القلب ما أحب.
قال: حدثنا أبو بشر اسم> قال: حدثنا محمد بن عمران بن الجنيد اسم> قال: حدثنا يعقوب الدشتكي اسم> قال: حدثني همام اسم> عن حماد بن زيد اسم> عن الزبير بن الخريت اسم> قال: قيل لعكرمة اسم> الرجل يرى في منامه كأنه بخراسان اسم> وبالشام اسم> وبأرض لم يطأها قال: تلك الروح يرى بروحه والروح معلقة بالنفس فإذا استوطنت جبذ النفس الروح.
قال: حدثنا أبو بشر اسم> قال: حدثنا يعقوب اسم> قال: حدثنا هشام اسم> عن يعقوب اسم> عن جعفر اسم> عن سعيد اسم> رحمه الله تعالى في قوله تبارك وتعالى: رسم> اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا قرآن> رسم> قال: يجمع الله عز وجل بين أرواح الأحياء وبين أرواح الأموات فيتعارفان بينهما ما شاء الله أن يتعارفا رسم> فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قرآن> رسم> .
سمعنا هذا الكلام الذين يتعلق بقول الله تعالى: رسم> وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا قرآن> رسم> وذلك لأن اليهود قالوا لقريش: سلوا محمدا اسم> عن الروح, فإن أخبركم فإنه نبي, وإن لم يخبركم فإنه متقول. ولما سألوه كان الجواب: أن هذه الروح لا تصل إليها علومكم، ولو تعلمتم ما تعلمتم, فعلومكم قاصرة, وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، لا تقدرون أن تتكيفوا هذا المخلوق هذا الروح الذي يعمر جسد الإنسان، الإنسان مكون من جسد وروح فإذا خرجت هذه الروح بقي ذلك الجسد جسدا لا حركة فيه, فهذه الروح التي تخرج منه لا تبصرونها, ولا تعلمون كيفيتها, ولا تدرون ما هي ما وزنها, ولا ما تركيبها؟ هل هي لحم؟ هل فيها عظام؟ هل فيها شعر؟ هل فيها عروق؟ هل فيها دم؟ لا نبصرها ولا نكيفها ولا ندري ما هي؟
قصرت عنها علوم البشر, قصرت عنها أفهامهم، حجب الله تعالى معرفتها فقال تعالى: رسم> وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي قرآن> رسم> أخبر الله تعالى أنه في ليلة القدر تنزل هذه الروح مع الملائكة يقول الله تعالى: رسم> إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ قرآن> رسم> هل نحن نبصر هذه الروح التي تنزل في تلك الليلة؟ لا نبصرها، وذلك لأنها من عالم الغيب الذي حجبت عنا في هذه الدنيا, لا نبصر كيفيتها, ولا ندري ماهيتها, بل هي من أمر الله رسم> قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي قرآن> رسم> .
كذلك أيضا إذا خرجت الروح من الميت, إذا خرجت روحه ونحن حوله لا نبصر هذه الروح, نتحقق أنها كانت في ذلك الجسد, ونتحقق أنها خرجت منه, وأن بخروجها بقي ذلك الجسد هامدا, بقي ميتا, ولا ندري أين تذهب هذه الروح؟ إلا أن الله تعالى أخبر بأنها موجودة, كما يقول الله تعالى: رسم> اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ قرآن> رسم> يمسك الروح التي قد قَدَّرَ أنها ماتت, وأنها قد فارقت الدنيا, يُمْسِكُها عنده, ويُرْسِلُ الأخرى -التي هي روح الأحياء- يرسلها إلى أجل مسمى، ولهذا يُشْرَعُ إذا نام الإنسان عند النوم أن يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه, إن أمسكت نفسي فارحمها, وإن أرسلتها فاحفظها.
أخبر أو دل على أن الله يُمْسِكُ بعض الأرواح, وهي الأرواح التي قدر أنها تموت, قدر عليها الموت, ويرسل التي بقي من حياتها بقية, يرسلها لتعود إلى أجسادها، فإذا استيقظ بعد نومه يقول: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور. الحمد لله الذي رد عَلَيَّ روحي, وعافاني في جسدي, وأذن لي بِذِكْرِهِ. رد علي روحي: يدل على أن هذه الروح خرجت بالنوم- ولو كان خروجا مؤقتا- ليس خروجا كليا، أما إذا خرجت بالوفاة فإنها قد فارقت البدن, خرجت خروجا يكون ... سمعنا أن الله تعالى خلق الأرواح, خلق هذه الأرواح, وأنه خلق الأجساد, وأن الأرواح لا يعلم قدرهم إلا الله, وأنهم يأتون يوم القيامة يقول الله تعالى: رسم> يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا قرآن> رسم> أي صفوفا, تقوم الملائكة, وتقوم الأرواح.
فالأرواح يمكن أنها أرواح الإنسان, ويمكن أنها أرواح من جنس خلق الله تعالى لا نعلم كيفيتهم، وقد سمى الله تعالى الملائكة أرواحا في قوله تعالى في قوله: رسم> يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ قرآن> رسم> فالروح في هذه الآية هو ما تَحْيَا به القلوب- وهو القرآن وكلام الله- وكذلك سمى جبريل اسم> روحا في قوله تعالى: رسم> نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ قرآن> رسم> الروح في هذه الآية هو الْمَلَك, فقصور علوم الإنسان عن كيفية هذه الروح دليل على عظمة الذي خلقها كما أنشأها وقصرت علوم البشر عنها ...
كلهم شرك كفر, وشرك وعناد واستكبار وعداوة, خلقهم الله تعالى وجعلهم كلهم من أهل النار, وتقبلوا أو قَبِلُوا ذلك, والتزموا بأن يتسلطوا على جسم الإنسان حتى يغووا من يستطيعون إغواءه منهم, فكلهم أشرار، أما الجن فإن فيهم خيرا وفيهم شرا, منهم مؤمنون مسلمون, ومنهم كفار خارجون عن الإسلام, ولذلك قال الله تعالى عنهم: رسم> وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ قرآن> رسم> رسم> وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ قرآن> رسم> .
الجن أيضا أرواح بلا أجساد ولذلك لا نراهم, الإنسان مُرَكَّبٌ من روح وجسد، فالجسد هو هذا الهيكل الذي له ثقله وله وزنه والذي يُشَاهد, والذين خلقهم الله تعالى منهم أصلهم من تراب, ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. وكذلك جعل فيهم خيرا وشرا, فيهم الأتقياء والأبرار, وفيهم الأشقياء والفجار, وذلك حسب مَنْ يوفقه الله تعالى ويهديه, أو يخذله ويُسَلِّطُ عليه أعداءه من شياطين الإنس والجن.
فأنت أيها الإنسان مركب من جسد وروح, هذه الروح التي يحيا بها هذا الجسد لا نعلم كيفيتها, ولكننا نتحقق وجودها, ولذلك متى خرجت الروح بقي الجسد بلا روح, بقي الجسد ميتا هامدا لا حراك به.
أين تذهب هذه الروح التي خرجت من هذا الجسد؟ لا نعلم أين تذهب, ولكن نتحقق أنها باقية حتى يَرُدَّهَا الله تعالى إلى جسدها إذا شاء وقت إعادة الموتى من القبور بعد تَفَرُّقِ أشلائهم, وبعد أن يصيروا ترابا وعظاما, فتبقى هذه الروح إما مُنَعَّمَةً وإما معذبة.
مسألة>